أربعة عشر عاماً من حبّ التصوير: حين تتحوّل العدسة إلى طريقة حياة
على مدى أربعة عشر عاماً، لم يكن التصوير بالنسبة لي مجرد ضغط زر، ولا كان مجرد هواية أقضي بها وقتي. كان رحلة ممتدة، بدأت من شوارع مدينتي الصاخبة وانتهت — أو بالأحرى ما زالت تستمر — في أحضان الطبيعة الهادئة. خلال هذه السنوات، اكتشفت
أن الكاميرا ليست مجرد آلة، بل رفيقة طريق تُعلّمني كل يوم شيئاً جديداً عن العالم… وعن نفسي.
التصوير في الشارع: مدرسة الحياة الحقيقية
البدايات كانت في الشارع؛ حيث الضجيج، الحركة، العفوية، اللحظات التي تمرّ سريعاً ثم تختفي إلى الأبد. تعلّمت هناك كيف أُمسك بالوقت قبل أن يهرب. وجوه الناس، خطوات العابرين، ضحكة طفل، نظرة عجوز، بائع منشغل، ومواقف صغيرة لا ينتبه لها أحد — كلها كانت كنوزاً تنتظر عدسة مستعدة أن تراها.
الصورة في الشارع ليست لقطة عابرة؛ هي حكاية كاملة. هي تحدٍّ يوميّ بين المصوّر وبين العالم ليعرف أيّهما سيتمكّن من الآخر. وهناك، أدركت لأول مرة أن المصور الحقيقي هو الذي يرى ما لا يراه الآخرون.
الطبيعة: الوجه الهادئ للحياة
بعد سنوات طويلة وسط صخب الشوارع، أخذني الشغف إلى الطبيعة. شعرت أن هناك توازناً يجب أن يحدث: من زحمة المدن إلى سكون الجبال، من ازدحام البشر إلى اتساع السماء. في الطبيعة، الصورة ليست سرعة… بل انتظار. انتظار شروق يتدرّج، غيمة تتزحزح، طائر يحلّق، أو موجة ترتفع ثم تنكسر.
هنا، تعلّمت أن التأمل جزء من الفن. وأن الجمال ليس دائماً واضحاً، لكنه موجود لمن يعرف كيف يبحث عنه.
ماذا تعلّمني العدسة بعد 14 عاماً؟
أن كل لحظة لها قيمة، حتى تلك التي لا يلتفت إليها أحد.
أن الصورة ليست “مشهدًا”، بل إحساسًا.
أن الصبر يمنحك أجمل اللقطات.
أن المصوّر لا يكتشف الأماكن فقط، بل يكتشف نفسه في كل تجربة.
أن الشغف الحقيقي لا يبهت، بل يكبر مع كل خطوة.
لماذا ما زلت أحب التصوير؟
لأن الكاميرا تعلّمني كل يوم أن العالم أوسع مما نظن.
لأنها تمنحني القدرة على تجميد اللحظات التي أحبها.
لأنها تجعلني أرى الجمال في التفاصيل الصغيرة التي نتجاهلها.
لأنها ببساطة… أصبحت جزءاً مني.

Post a Comment